الفنانة دورين فليتشر بدأت رسم لوحات تجسد مشاهد من منطقة “إيست إند” شرقي لندن عام 1983، لكنها توقفت عن مواصلة نشاطها الفني بعد إحباطها من عدم الاعتراف بأعمالها. بيد أن مدونة على الإنترنت بعنوان “ذا جنتيل أوزر” أتاحت لها فرصة وساعدتها في تقديم لوحات بعنوان “إيست إند” للجمهور على نحو جذب الانتباه في عام 2015.
يقام معرض في صالة عرض “نانيري” في لندن لعرض مجموعة فنية من أعمال الفنانة دورين فليتشر، وهي أعمال تتضمن مشاهد مستوحاة من البيئة العامة لشوارع لندن وحدائقها، فضلا عن أبنية تعرضت للهدم منذ ذلك الوقت. وتقول فليتشر عن أعمالها الفنية: “عندما كنت في سن المراهقة اعتدت رسم ما يمكن أن يُطلق عليه (معالم تكاد تكون اندثرت). إنها تسجل مشاهد قبل أن تتغير معالمها وتغير استخدام الأبنية، أو انهيارت جدران، أو أسطح مهجورة، أو حظائر أصبحت غير مستخدمة، أو لافتات لمتاجر ضاعت معالمها، أو أثاث شوارع متهالك، أو جداريات”. واللوحة بعنوان (طريق تجاري في شرقي لندن عام 1989). تقول الفنانة عن هذه اللوحة إنها “تظهر حالة تفاؤل بأثر رجعي لما كان عليه واقع هذه الفترة، إنه طريق مترب وقذر وملوث قبل بناء نفق يربط الطريق السريع مع دوكلاند”.
تقول الفنانة: “بعد ظهر يوم سبت في شهر يونيو/حزيران عام1991، قررت استكشاف منطقة كانينغ تاون على الضفة الأخرى لنهر ليا. تتبعت كلباً في شارع نظيف ينتظر أعمال إعادة تطويره. انعطف الكلب عند أحد الأركان واختفى في الوقت الذي افترضت فيه أنه دخل عبر باب مفتوح لمتجر بيع صحف. ظلت هذه الصورة عالقة في ذهني حتى عدت إلى نفس المكان في الخريف واشتريت بعض الحلوى لرؤية المدخل ورسم تخطيط سريع لملامح المكان”.
تقول الفنانة: “انعزال المبنى مع الدخان المتصاعد باستمرار من المدخنة ألهمني لرسم هذه اللوحة. طالت فترة التجربة أشهرا للعثور على الظل المناسب للون الأبيض المناسب لرسم دخان المدخنة”.
تقول الفنانة: “بعد عشرة أشهر من وصولي، أُغلق هذا المقهى. وظل قائما لبعض الوقت قبل أن تهدمه الجرافات، ويصبح ضحية التعدي باسم التطوير”.
تقول الفنانة: “كانت أول زيارة لي لمنطقة مايل إند في مايو/أيار 1983. أعجبني المبنى خلف محطة حافلات، وأردت رسمه قبل أن تصل إليه الجرافات. وبالفعل هُدمت البناية بعد عام. كما أعجبتني امرأتان كانتا تنتظران حافلة وسألت نفسي إن كانتا تعرفان بعضهما”.
تقول الفنانة: “تندر الثلوج في لندن، ويلزم سرعة التقاط مشاهد ساحرة قبل أن تتحول إلى طين. عندما هطلت الثلوج مرة في أواخر فبراير/شباط، كنت خارج المنزل حوالي الساعة الثامنة لمسح المناظر الطبيعية الواضحة. سرت عبر القناة حتى وصلت إلى حوض لايمهاوس، لكن لم يلفت انتباهي أي شيء. قررت أن استدير وأعود مارة عبر شوارع خالية حتى شاهدت هذا المشهد عند نفق روثرهيث. كانت السماء الزرقاء لامعة وأعادت الثلوج سخام أسطح المنازل الجورجية إلى جمالها السابق”.
تقول الفنانة: “حتى عام 1990 عندما اشتريت غسالة ملابس، كنت أذهب في زيارة كل أسبوعين لمغسلة ملابس في سالمون لين. كانت تعمل بها سيدتان. وفي كل مرة كنت أدخل وأخرج كانت تحدث دردشة، وكان الهواء يمتزج باللون الأزرق ودخان السجائر والبخار المتصاعد من الآلات. وفكرت على مدار سنوات أن أرسم لوحة للمكان، ولكن ذات مرة وأنا أتجول هناك شاهدت المغسلة بعد تجديدها وفقدت طابعها المميز. وتقاعدت السيدتان واختفى الجو الذي كان يمتليء بدخان بفضل عبارة مكتوبة باللون الأحمر “ممنوع التدخين”. وفي صباح يوم أحد أثناء زيارة لطريق بين جونسون، تلصصت من بعيد وشاهدت ساقين ملتصقتين تظهران عبر المغسلة الواقعة وسط مجموعة متاجر. فوجدت ضالتي أخيرا”.
تقول الفنانة: “أعجبني هذا المقهى، كان مفتوحا دائما لكن يبدو أن أحدا لا يدخله. كان يوجد رجل نحيف إما أن يظل واقفا بلا حركة خلف منضدة مرتفعة أو جالسا يتناول طبقا من الكاري على طاولة. أغرتني التجربة ودخلت المكان بصحبة صديق. وطلبنا قهوة وكانت أسوأ قهوة شربتها في حياتي. كان يوما ضبابيا في يناير/كانون الثاني عام 1985 حاولت الشمس اختراقه. كانت الحركة المرورية هادئة وسمعت دويا كالرعد. كان الصوت ناجما عن انفجار قنبلة وضعها الجيش الأيرلندي في تاور بريدج وسُمع الصوت في الشارع التجاري. ولم أعد منذ ذلك الوقت إلى المقهى”.
تقول الفنانة: “كان ربيع عام 1985 شديد البرودة في لندن، لكنه لم يكن أشد برودة من لاهاي التي كنت أزورها. ومع ذلك كانت تزعجني أعمال من العصر الذهبي الهولندي للرسم، وبمجرد عودتي إلى لندن، بدأت سلسلة جديدة من الأعمال التي ركزت على مواد مماثلة في محيطي”.
تقول الفنانة: “كانت الأمطار تهطل بغزارة في ثمانينيات القرن الماضي. اعتدت الذهاب إلى منطقة سالمون لين معظم الأيام، إذ كان توجد مجموعة من المتاجر من بينها مكتب بريد، ومخبز، وجزار، وبقال، ومحل كوي وغسيل، وكشك لبيع الفواكة والخضراوات، وحانة، ومطعمان للوجبات الصينية”. وتقام فعاليات معرض الفنانة دورين فليتشر تحت عنوان “بأثر رجعي” في صالة عرض نانيري في لندن خلال الفترة من 24 يناير/كانون الثاني وحتى 24 مارس أذار المقبل.