“المرء كثيرٌ بأخيه”

0
554

 

تلقّيتُ هذا الهدية الحديث الشريف، “المرء كثيرٌ بأخيه”، مخطوطًا، وموضوعًا ضمن إطار، فكتبتُ من وحيه ما يأتي:

المرء كثيرٌ بذاته، فكيف لا يكون كثيرًا بأخيه. بصديقه. بحبييه. بغريبه. وبنقيضه؟!

المرء كثيرٌ لأنّه نقصان. لأنّه فقدان. لأنّه انتباه. لأنّه شرود. لأنّه جوع. لأنّه عطش. لأنّه فقر. لأنّه جسر. لأنّه ظلّ. لأنّه شجرة. لأنّه نهر. لأنّه غيمة. لأنّه عتمة. لأنّه كلمة. لأنّه عصفور. لأنّه قصيدة. لأنّه طريق. لأنّه حبر. لأنّه غصن. لأنّه مجذاف. لأنّه هاوية. لأنّه سماء. لأنّه قعر. لأنّه زورق. لأنّه دمعة. لأنّه بياض. لأنّه حلم. لأنّه جموح. لأنّه نوم. لأنّه شهوة. لأنّه انخطاف. لأنه متاهة. لأنّه طفل. لأنّه حنان. لأنّه أرض. لأنّه كرْم. لأنّه كتاب. لأنّه مقهى. لأنّه رصيف. لأنّه مصافحة. لأنّه قبلة. لأنّه قلب. لأنّه فكرة. لأنّه عقل. لأنّه غياب. لأنّه حضور. لأنّه إبن. ولأنّه بداية.

المرء كثيرٌ لأنّه فجر. لأنّه يولد. ولأنّه يموت.

المرء كثيرٌ لأنّه امرأة.

المرء كثيرٌ لأنّه أمّ.

المرء كثيرٌ لأنّه أخت.

المرء كثيرٌ لأنّه يبتسم. لأنّه يتوجّع. لأنّه يتلوّى. لأنّه ينزف. لأنّه يقرأ. لأنّه ينجرح. لأنّه يلتئم. لأنّه يتراكم. لأنّه ينمو. لأنّه يتكثّف. لأنّه يشفّ. لأنّه يتوارى. لأنّه يذوب. لأنّه يرغب أن يصير. ولأنّه يصير.

المرء كثيرٌ لأنّه مسافر. لأنّه مقيم. لأنّه جاهل. لأنّه عارف. لأنّه مجنون. لأنّه قلِق. لأنّه زائل. ولأنّه قتيل.

المرء كثيرٌ لأنّه مرآة.

المرء كثيرٌ لأنّه أنا. لأنّه هو. لأنّه هي. لأنّه هم. لأنّه نحن.

المرء كثيرٌ لأنّه بيت. ولأنّه البلاد.

المرء أنا هو آخر. المرء كثيرٌ لأنّه آخر…

عقل العويط       المصدر: “النهار”

عقل العويط شاعر وناقد وصحافيّ وأستاذ جامعي من مواليد لبنان 1952

أصدر ثماني مجموعات شعرية، ويحمل شهادة دكتوراه في الأدب العربي الحديث

يعمل مديراً للتحرير في “ملحق النهار” الثقافي في بيروت، ويدرّس قصيدة النثر والصحافة في جامعة القديس يوسف

تُرجِمت قصائده الى الفرنسية والإنكليزية والاسبانية والايطالية والألمانية ونُشرت في عدد كبير من الأنطولوجيات والمجلات الأدبية في العالم، كما صدرت له انطولوجيا عن دار ميريت في القاهرة عام 2002

:له

.سراح القتيل ، دار النهار للنشر، بيروت، 2001

.إفتحي الأيام لأختفي وراءها ، دار النهار للنشر، بيروت، 1998

.مقام السروة ، دار النهار للنشر، بيروت، 1996

.لم أدعُ أحداً ، دار الجديد، بيروت، 1994