زيارة البندقية (أو فينيسيا) ثالث أهم المدن الإيطالية بعد روما وميلانو وأشهرها سياحياً، لم تعد مجانية. فخلال أيام قليلة ومع مطلع آذار (مارس)، سيبدأ سريان فرض الرسوم على زوار المدينة وسائحيها، في أعقاب سلسلة مقترحات وإجراءات أثارت على مدار أشهر جملة نقاشات وتجاذبات انتهت في نهاية العام الفائت، مع إقرار البرلمان خطة فرض الرسوم التي اقترحتها البلدية، وتأخر بدء تنفيذها حتى شهر آذار (مارس) بسبب اعتراضات أوروبية. إلى أن أعلن عمدة المدينة البدء بفرض الرسوم رسمياً على السائح الأجنبي مع بداية الشهر القادم، على أن تتراوح بين 2.5 و10 يورو حسب الموسم.
وزير السياحة يرفض وعمدة المدينة يرحب
عمدة بلدية البندقية لويجي بونارو، دافع عن الإجراء الجديد باعتباره “الطريقة الوحيدة لحساب عدد الأشخاص الذين يزورون البندقية”.
وأوضح أنه “لن يتم حرمان أي شخص من الوصول، ولكنه سيكون أكثر تعقيداً بالنسبة لأولئك الذين لا يقومون بالحجز”.
كما ذكر أن “الهدف هو جعل المدينة أكثر ملائمة للعيش” للمقيمين و”تقليل التكاليف الإضافية” التي تتكبدها المدينة بسبب السياحة الجماعية، مثل جمع النفايات والحفاظ على تراث المدينة.
بدوره وزير السياحة الإيطالي جيان ماركو سينتينايو، قال معقباً على هذا الإجراء في تغريدة له على تويتر إن خطة عمدة مدينة البندقية لفرض رسم دخول على السائحين “بلا هدف ومضرة”.
وزير السياحة الإيطالي جيان ماركو سينتينايو
عمدة البندقية: “إدفع أولاً ثم ادخل”!
بحسب الخطة الموضوعة فإن الرسم سيزيد إلى 6 يورو في عام 2020، وقد يرتفع إلى 10 يورو في مواسم الذروة السياحية، أو يتم تخفيضه إلى 3 يورو في غير مواسم الذروة.
ورأى بونارو أن “البندقية مدينة تكتظ بالسياح لكنهم لا ينفقون فيها إلا القليل”. وأوضح أن “تنفيذ القرار تأخر قليلاً بسبب اعتراضات أوروبية، ترى أن الرسم يجب أن يشمل الجميع في أراضي الاتحاد الأوروبي”. وقال صراحة: “إدفع أولاً ثم ادخل إلى أجمل مدن العالم”.
بموجب القانون الجديد سيفتح المجال للسلطات المحلية في البندقية بأن تأخذ رسوماً مالية من الزوار الراغبين بدخولها، كما هو الحال في الجزر الإيولية ولامبيدوزا في صقلية. ويفرض هذا الرسم على كل الزوار، سواء أرادوا المبيت في المدينة أم لا.
ويستهدف الرسم بشكل أساسي الزوار الذين لا يمضون في المدينة أكثر من يوم واحد، ولا يدفعون أي نوع من الرسوم، ومنهم السياح على متن السفن السياحية التي ترسو نحو 600 منها سنوياً في البندقية. بحيث تضاف الرسوم إلى تذاكر الحافلات والطائرات والقطارات والسفن.
فيما يتم إعفاء الأشخاص الذين يعملون أو يدرسون في المدينة ويعيشون خارجها من الرسوم، وكذلك الأشخاص الذين يقومون بزيارات لأغراض طبية أو إدارية.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن هذا الإجراء قد يدر على المدينة 50 مليون يورو سنوياً.
سكان مستاؤون من السياحة رغم عائداتها
التدفق السياحي على المدينة السياحية الجميلة مثّل معضلة بالنسبة لسكانها، رغم كونه مصدراً رئيسياً لدخلها. فقد تسببت حركة السياحة بخلق مشاكل الازدحام وارتفاع أسعار المساكن وتراجع عدد سكان المدينة. إذ تستقبل سنوياً نحو 19 مليون سائح، فيما تعداد سكانها لا يتجاوز ربع المليون. وسبق أن ذكرت منظمة “إيتاليا نوسترا”، المعنية بالتراث في إيطاليا، أن نحو 30 مليون شخص في عام 2016 زاروا موقع التراث العالمي في المدينة بمعدل يزيد عن 82 ألف زائر يومياً.
خصوصية المدينة
بقي أن نشير إلى أن فينيسيا أو البندقية هي عبارة عن مدينة وميناء بحري رئيسي وعاصمة إقليم فينيتو وعاصمة مقاطعة فينيسيا. تعد أكبر مدينة بالإقليم من حيث عدد السكان والمساحة. حيث يقدر عدد سكانها بأكثر من 260 ألف نسمة. وكانت تعرف باسم ملكة البحر الأدرياتيكي. نظراً لتراثها الحضاري والفني، ومنطقة البحيرات التي بها، كما تعد المدينة إحدى أجمل مدن العالم التي ترعاها منظمة اليونسكو الأمر الذي جعلها ثاني مدينة إيطالية بعد روما من حيث ارتفاع نسبة التدفق السياحي من الخارج.