ليوناردو دا فنشي هو فنان عصر النهضة، وهو رسام، ونحات، ومهندس معماري، قد جسد النهضة الإنسانية بفنّه وعبقريته، وُلد في أنشيانو الإيطالية بالقرب من بلدة فنشي عام 1452م، وتوفّي في عام 1519م في مدينة كلوكس الفرنسية.
تلقى ليوناردو تعليمه الابتدائي المحدود حيث تعلم القراءة والكتابة والحساب، وعندما أصبح في الثلاثين من عمره درس بجد الرياضيات والهندسة والحساب، أما ميول ليوناردو للفن فقد ظهر عندما كان في الخامسة عشر من عمره، وعندما لاحظ والده ذلك عرضه على الفنان أندريا ديل فيروشيو والذي استقبله في ورشة عمله ليتلقى التدريب، وبالفعل تدرّب دا فنشي على النحت، وتعلم الفنون الميكانيكية والتقنية، وفي عام 1472م عندما كان في العشرين من عمره تم قبوله ليكون عضواً في نقابة الرسامين في فلورنسا، وفي عام 1481 بدأ دا فنشي يعمل بشكلٍ مستقل، ورسم العديد من اللوحات التقنيّة مثل المضخات والأسلحة العسكرية، والأجهزة الميكانيكية المختلفة، الأمر الذي يدل على مدى اهتمامه بالأمور التقنيّة في حياته.
في عام 1482م انتقل دافنشي من فلورنسا إلى ميلانو ليعمل في خدمة دوق المدينة، وقد بقي فيها لمدة 17 عاماً، وكان قد أُدرج في سجل العائلة المالكة على أنّه رسام ومهندس الدوق، وكان لدافنشي في تلك الفترة أهمية كبيرة جعلته يحظى بالتقدير، وقد كانت تتم استشارته في مختلف مجالات الهندسة المعماريّة، والأمور العسكريّة، كما عمل في تلك الفترة كمهندسٍ هيدروليكي وميكانيكي، وخلال فترة إقامته في ميلانو أنهى ستة أعمال، ومن هذه الأعمال لوحة عذراء الصخور التي رسمها خلال الفترة 1483-1486م، كما رسم واحدة من أعظم وأشهر لوحاته وهي لوحة العشاء الأخير في الفترة 1495-1498م، أما لوحة الموناليزا الشهيرة فقد رسمها في الفترة 1503-1519م، وقد كانت الفترة التي قضاها دا فنشي في فلورنسا من عام 1500م إلى عام 1508م فترةً مليئةً بالدراسات العلميّة الكثيفة، ففي مستشفى سانتا ماريا نوفا توسّع دا فنشي في التشريح ليدرس بُنية الكائن البشري وظائف الأعضاء فيه، كما درس طبيعة حركة الماء وخصائصه الفيزيائية.
وخلال الفترة 1508-1513م ازدهر نشاط دا فنشي العلمي فقد حقق نجاحاً جديداً في التشريح بالتعاون مع عالم التشريح المعروف ماركانتونيو ديلا توري، وكان دا فنشي قد وضع خطةً كاملة وشاملة تتضمن التشريح المقارن للجسم البشري، كما تهتم بعلم وظائف الأعضاء، وكانت خطة دا فنشي تشتمل على دراسات بصرية، ورياضية، وميكانيكية، ونباتية، وجيولوجية أيضاً، وفي عام 1513م انتقل ليوناردو إلى روما نظراً للظروف السياسية الصعبة التي أدّت إلى طرد الفرنسيين من ميلانو، وفي عام 1516م وعندما كان ليوناردو في الخامسة والستين من عمره غادر إيطاليا إلى الأبد واتجه مع تلميذه ميلزي إلى كلوكس ليقضي أخر ثلاث سنوات من حياته في منزلٍ صغير فيها بالقرب من قصر الملك في امبواز، وقد تُوفّي في كلوكس، ودُفن في كنيسة القصر سانت فلورنتين، وقد دُمرت هذه الكنيسة في مطلع القرن التاسع عشر، ولم يعد هناك وجوداً لقبره.