الفناة التشكيلية الجزائرية باية محي الدين

0
2649

 

يشار إليها غالباً بإسم “باية” دون سواه، وهي الرسامة الجزائرية باية محي الدين التي ولدت فاطمة حداد ضمن عائلة قبائلية فقيرة في برج الكيفان، قرب الجزائر العاصمة. تيتّمت باية في الخامسة من عمرها وعاشت مع جدتها حتى الحادية عشر، عندما “اكتشفتها” مارغريت كامينا بن حورة. كانت بن حورة إمرأة فرنسية تعيش حينذاك في الجزائر العاصمة وتعمل في قسم المحفوظات في المكتب الإسلامي الخيري. كانت رسامة كذلك، وضمت مجموعتها الخاصة من الأعمال الفنية لوحات لجورج براك وهانري ماتيس. بعد لقائهما، إنتقلت باية إلى منزل بن حورة في العاصمة حيث بدأت ترسم، وكانت بن حورة غالباً ما تثني على جهودها. تشير بعض المصادر أن باية عملت أيضاً خادمة في هذا المنزل.

 

أقامت باية أول معرض لها في العام 1947 عندما كانت في السادسة عشر من العمر، في غاليري ماغ في باريس. نظم إيمي ماغ، صاحب الغاليري، هذا المعرض الفردي بعد أن شاهد أعمال باية في منزل بن حورة. في العام نفسه، قام مؤسس مجموعة السرياليين، أندريه بروتون (1896 ـ 1966)، بعرض أعمالها في المعرض السريالي الثاني. كتب إضافة إلى ذلك مقدمة المجلد الصادر عن معرضها في غاليري ماغ، وكانت بعنوان “خلف المرآة”. ومع أن باية لم تلتحق بأية مدرسة فنون رسمية، فقد أتاحت لها علاقات بن حورة في فرنسا أن تسافر إلى باريس في البداية، ثم إلى فالوريس، حيث عملت في صناعة الفخار وحيث التقت ببابلو بيكاسو (1881 ـ 1973). تبعاً للمصادر نفسها، اهتم بيكاسو بأعمالها ونصحها بالعودة إلى الجزائر.

خلال العقد الذي تلا زواج باية في البليدة، الجزائر، سنة 1953، وولادة أولادها الستة، توقفت عن الرسم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن فترة العشر سنوات هذه تزامنت مع مرحلة الحرب الجزائرية من أجل الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، التي انتهت سنة 1962. في مقالتها حول معرض 1990 الذي ضم أعمال باية والشعيبية طلال وفخر النساء زيد، في معهد العالم العربي، باريس، تخيلت الكاتبة الجزائرية ـ الفرنسية آسيا جبار حياة باية ومصاعبها خلال تلك السنوات العشر، ووصفتها بأنها “تلك العودة القسرية إلى التقاليد، […] العودة إلى منازل النساء اللواتي لا يخرجن، اللواتي يلدن، اللواتي ينتظرن.” في العام 1963، باشرت باية الرسم من جديد وعرضت كلاً من أعمالها القديمة والحديثة في باريس والجزائر العاصمة.

وكما لاحظت رنجانة خانة، تركّز لوحات باية بشكل حصري تقريباً على لحظات اللقاء والتفاعل بين العناصر المرسومة. تشكل النساء والطيور والنباتات عناصر طاغية ومتكررة في كافة أعمالها. وتُرسم هذه العناصر معظم الأحيان في مساحات ضئيلة ضمن اللوحات التي تتميّز بطغيان الزخارف عليها وبألوانها الأولية المشرقة. عندما كانت تسأل لماذا اختارت أن ترسم المشاهد الفرحة، كانت تشرح أن ذلك يعود إلى الحزن في حياتها. في تفسير خانة، وفّر الرسم نوعاً من العلاج النفسي للفنانة، وقد لازم هذا الحزن ـ المغفل عادة في معظم الكتابات حول باية ـ كامل أعمالها.

بدءاً من معرضها الأول سنة 1947، احتلت باية مكانة معقدة ضمن تاريخ الفن في القرن العشرين. تسلط شهرتها المبكرة وشعبيتها الضوء على التداخل بين المستعمرين الفرنسيين في شمال إفريقية والطليعة الفنية الأوروبية. وعلى الرغم من المواقف السياسية المتعارضة ـ أصبح بروتون، على سبيل المثال، من أشد منتقدي الاستعمار بعد حرب الريف بين 1921 و1926 في المغرب، ونظّم سنة 1931 معرضاً ضد الاستعمار كرد على المعرض الاستعماري الذي أقيم في باريس في السنة ذاتها ـ احتفت كلا المجموعتين بأعمال باية ووصفتها بـ “العفوية” و”الفطرية” و”الطفولية”. في إشارته إلى رواية ألف ليلة وليلة وإلى نقاء الفنانة، وفي ربطه “العالم الإسلامي” بالقرون الوسطى الأوروبية، تدل كتابات بروتون على تفشي الصورة الاستشراقية النمطية لدى أوائل المتلقين لأعمال الفنانين العصاميين الذين ادعى الأوروبيون اكتشافهم في مستعمراتهم. مع ذلك، تنفي هذه التصريحات وجود أي تأثير أوروبي في أعمال باية، رغم أنها كانت ترسم برفقة الفنانة الفرنسية بن حورة، كما سافرت إلى باريس وعرضت أعمالها فيها، ودرست في فالوريس.

عقب استقلال الجزائر، جرى تهميش باية في ساحة الرسم الرسمية التي كانت تفضل آنذاك رسوم الأسلوب الواقعي الاجتماعي. وضعتها وثائق الدوائر الحكومية في أسفل سلم قوائم الفنانين التراتبي، ضمن مجموعة: “رسامو التعبير الشعبي العفوي،” عوضاً عن إدخالها في لائحة مجموعة “أوشام” التي كانت تنتمي إليها بالفعل. أسس مجموعة “أوشام” فنانون جزائريون منهم دوني مارتيناز وشكري مسلي، وضمت محمد بن بغداد ومصطفى أكمون. وعرض أعضاء المجموعة أعمالهم معاً من 1967 إلى 1971. توفيت باية في البليدة، الجزائر، سنة 1998.​

المعارض

​​​2014​​​​​ “فهرس، الجزء الأ​​​ول”، مجموعة متحف الدائمة، متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة، قطر
​2010​​ “سجّل: قرن من الفن الحديث”، متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة، قطر​
2003 معرض جماعي، “القرن العشرون في الفن الجزائري”، قصر بوريلي، مارسيليا، فرنسا؛ حدائق البرتقال في مجلس الشيوخ، باريس، فرنسا
2000 معرض فردي، “باية”، مركز الدراسات الإفريقية (مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية ـ المركز الوطني للبحوث العلمية)، باريس، فرنسا
1995 ​معرض جماعي، “تأثيرات الترحال: 25 فناناً جزائريا”، قصر المؤتمرات والثقافة في مان، فرنسا
1994 معرض جماعي، “قوى التغيير: فنانون من العالم العربي”، المتحف الوطني للنساء في الفنون، واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة الأميركية
1990 معرض جماعي، وفا بنك، الدار البيضاء، المغرب
ـــــــــ ​معرض جماعي، متحف معهد العالم العربي، باريس، فرنسا
1989 معرض جماعي، غاليري إيبسو، بروكسل، بلجيكا
ـــــــــ معرض جماعي، “الفن المعاصر من العالم الإسلامي”، قاعة مركز باربيكان، لندن، إنكلترا
1988 معرض جماعي، “مرحبا بيكاسو”، متحف بيكاسو، أنتيب، فرنسا
1987ـ 1988 معرض جماعي، “الجزائر، تعبيرات متعددة”، متحف الفنون الإفريقية والمحيطية، باريس، فرنسا
1987 معرض جماعي، رواق محمد إسياخم، الجزائر العاصمة، الجزائر
1985 معرض فردي، قاعة فندق الأوراسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
ـــــــــ معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، وهران، الجزائر
1984 معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
ـــــــــ معرض فردي، المركز الثقافي الجزائري، باريس، فرنسا
ـــــــــ معرض جماعي، المركز الثقافي البلدي، أوبان، فرنسا
1983 معرض جماعي، قاعة الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، الجزائر العاصمة، الجزائر
1982ـ 1983 معرض فردي، “باية”، متحف كانتيني، مارسيليا، فرنسا
1982 معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
1980 ​معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
1979 معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
1978 معرض فردي، رواق محمد راسم، الجزائر العاصمة، الجزائر
ـــــــــ معرض جماعي، رواق محمد راسم، الجزائر العاصمة، الجزائر
1977 ​معرض فردي، بيت الثقافة، تيزي وزو، الجزائر
1976 ​معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
1974 معرض جماعي، قاعة الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، الجزائر العاصمة، الجزائر
ـــــــــ معرض جماعي، رواق محمد راسم، الجزائر العاصمة، الجزائر
1973 معرض جماعي، رواق الأعمدة الأربعة، الجزائر العاصمة، الجزائر
1971 معرض جماعي، قاعة الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، الجزائر العاصمة، الجزائر
1969 معرض فردي، “لوحات ومنحوتات باية”، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
ـــــــــ معرض جماعي، قاعة الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، الجزائر العاصمة، الجزائر
​1967 معرض فردي، المركز الثقافي الفرنسي، الجزائر العاصمة، الجزائر
ـــــــــ معرض جماعي، قاعة الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، الجزائر العاصمة، الجزائر
1966 معرض فردي، غاليري بيلوت، الجزائر العاصمة، الجزائر
1964 ​معرض جماعي، “رسامون جزائريون”، متحف الفنون التزيينية، باريس، فرنسا
ــــــــ معرض جماعي، غاليري 54، الجزائر العاصمة، الجزائر
1963 معرض جماعي، قاعة ابن خلدون، الجزائر العاصمة، الجزائر
1950 ​معرض جماعي، قاعة الحمراء، بيت الصناعة التقليدية، الجزائر العاصمة، الجزائر
1947 ​​معرض فردي، غاليري أدريان ماغ، باريس، فرنسا

​​المفردات الدالة

الفن الجزائري الحديث، الرسم، الفن الفطري، أوشام، السريالية، فنانات، الهوية الوطنية.​

المراجع

ملف الفنانة، “باية”. مكتبة وارن موري روبنز، المتحف الوطني للفن الإفريقي، واشنطن، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية.

سينتيا بيكر. “Exile, Memory, and Healing in Algeria: Denis Martinez and La fenêtre du vent” (المنفى والذاكرة والمعافاة في الجزائر: دوني مارتيناز و”نافذة الريح”.) مجلة الفنون الإفريقية (صيف 2009): 24ـ 31.

أندريه بروتون. “Derrière le miroir” (خلف المرآة)، باريس: منشورات إيمي ماغ (Maeght)، 1947.

آسيا جبار. “Le Combat de Baya” (كفاح باية)، في: “Trois Femmes Peintres: Baya, Chaibia, Fahrelnissa” (ثلاث رسامات: باية والشعيبية وفخر النساء)، باريس: معهد العالم العربي، 1990.

رنجانة خانة. “Latent Ghosts and the Manifesto: Baya, Breton and reading for the future” (الأشباح الكامنة والبيان: باية وبروتون وقراءة المستقبل). مجلة تاريخ الفن 26.2 (نيسان 2003): 238ـ 280.

فرانسوا بويون. “Painting Algerian Society: Exoticism, Modernism, Identity” (رسم المجتمع الجزائري: الغرابة والحداثة والهوية). ترجمة إيمي جاكوبس ـ كولاس إلى الإنكليزية. في “Remembering Africa” (تذكّر إفريقية). إشراف إليزابيث مودمبي ـ بويي. بورتسموث، نيوهامشير: هاينمان، 2002: 103 ـ 123.

“إشارات وصحراء. رسوم وألوان زيتية. باية، أرزقي، سيلم، قريشي، مارتيناز، مسلي”. بروكسل: إيبسو، 1989.​

مراجع إضافية

Baya with Dalilia  Dalila Morsley. “Je ne sais pas, je sens.” Algérie – Littérature/Action 15-16.

“الجزائر، تعبيرات متنوعة”. باريس: متحف الفنون الإفريقية والمحيطية، 1987.

مارتين آنتل. “Surrealism and the Orient” (السريالية والشرق). مجلة الدراسات الفرنسية في يال 109 (يناير 2006): 4ـ 16.

“باية”، مرسيليا: متحف كانتيني، 1982ـ 1983.

“باية”. باريس: ماغ (Maeght)، 1998.

باية مع دليلة مرسلي. “لا أعرف، أحس.” مجلة الجزائر: أدب/نضال 15ـ 16 (نوفمبرـ ديسمبر 1997): 209ـ 213.

“فنانون جزائريون”. باريس: متحف الفنون التزيينية، 1964.

“لوحات ومنحوتات باية”. الجزائر العاصمة: المركز الثقافي الفرنسي، 1969.

أعمال فنية