لطفيّة الدليمي

0
1064

الأدب العربي ينجزه المنفى

لطفيّة الدليمي: مؤلفاتي هي بمثابة رد إبداعي على الاقتلاع والنفي

لطفيّة الدليمي: لا أؤمن بالهشاشة المفاهيمية التي تتوسّل الكتابة الصحافية اليومية مسوّغاً للتحلّل من القيمة الفكرية للمادة المكتوبة، وأرى أن نقيم موازنة دقيقة بين الرصانة الفكرية ومتطلبات مخاطبة الجمهور العام.

لطفيّة الدليمي، روائية وقاصة ومترجمة عراقية، حصلت على ليسانس آداب لغة عربية. صدرت لها أعمال عدة، نذكر منها: “يوميات المدن”، كتاب “العودة إلى الطبيعة”، رواية “سيدات زحل”، مجموعة قصصية بعنوان “مسرّات النساء”، رواية “عُشّاق وفونوغراف وأزمنة”. تُرجِمت قصصها إلى الإنكليزية والبولونية والرومانية والإيطالية وترجمت رواية “عالم النساء الوحيدات” إلى اللغة  الصينية.

قامت الدليمي بترجمة العديد من الكتب إلى اللغة العربية، نذكر بعضها: “تطوّر الرواية الحديثة” جيسي ماتز، “فيزياء الرواية وموسيقى الفلسفة: حوارات مختارة مع روائيات وروائيين”، “رحلتي: تحويل الأحلام إلى أفعال” (مذكرات الرئيس الهندي الراحل زين العابدين عبد الكلام)، “الرواية المعاصرة” روبرت إيغلستون، “الثقافة” تيري إيغلتون. 

في هذا الحوار ترى الدليمي أن نكوصاً خطيراً طالَ جهود هذه المرأة وأصابها في مقتل وأطاح كثيراً من النجاحات النسبية التي حققتها المرأة خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

تكتبين الرواية والقصة القصيرة بالإضافة إلى عملك مترجمة. كيف تستطيعين الجمع بين هذه الأنماط الأدبية المختلفة؟

لطفيّة الدليمي:ثمة مفهوم قديم منذ الفلسفة الإغريقية يوصف به بعض الأشخاص، وهو (الهايدرا المعرفية) ويشير إلى الجسم الثقافي الذي يتشكّل من فروع معرفية بينية متداخلة، وما زلنا نشهد أمثلة من هذا التداخل المعرفي لدى بعض الكتاب والفلاسفة والعلماء في عصرنا هذا، حيث تداخل الفكر والفلسفة والفيزياء والذكاء الاصطناعي وعلوم الدماغ وعلوم السايكولوجيا الإدراكية واللغة، وقد انعكست تأثيرات هذا التداخل المعرفي على السرديات بعامة حتى غدت الرواية المعاصرة  تركيبة معرفية وتنقيبية تنطوي على حكاية أساسية مطعمة بالتشويق والمتعة.

يشكل السرد – قصة ورواية – بالنسبة إليّ عالمي الأساسي فسيح الآفاق الذي أحيا حريتي في مدياته اللامحدودة، وما زلت أستكشف تضاريسه المتغيرة كل يوم شرقاً وغرباً وأتعرّف إلى تحولاته حاله حال المكتشفات الكوسمولوجية الحديثة والثورات المتعاقبة في فيزياء الكم. أما عن الترجمة التي تشكّل اهتمامي الثاني، فلطالما كان لديّ عشق متوهّج للغة الإنكليزية منذ يفاعتي، وقد سار في خط متوازٍ مع ولَعي بكتابة القصة والرواية، فاتجهت ترجماتي الأولى إلى القصة والرواية واليوميات خاصة؛ غير أنّ ترجماتي الحديثة أصبحت أكثر تنوعاً وضمت موضوعات السيرة والسيرة الذاتية والمذّكرات والمصنّفات الفلسفية والعلمية إلى جانب الحواريات المعرفية ذات المضامين الفلسفية. ويجمع بين هذه الاهتمامات كلها ويوازن بينها سرّ صغير جميل اسمه (الشغف).

 لديك ما يقارب خمسة وعشرين كتاباً، كما أنك تتكئين في عملك على مُنجَز روائي عربي وغربي، فهل لنا أن نعرف من أثّر فيك أكثر؟

لطفيّة الدليمي: الحقّ أن مجموع كتبي المنشورة في حقل التأليف والترجمة يكاد يقترب من حاجز الخمسين كتاباً، وما زال في جعبتي ما يقرب السبع مخطوطات مترجمة إلى جانب مسوّدتي روايتين وكتابين مؤلفين.

الروافد المعرفية التي أثّرت فيّ كثيراً هي ذاتها كثيرة يصعب حصرها؛ فثمة التراث العربي في ميدان الفلسفة والكلاسيكيات الكبرى وخاصة الفكر المعتزلي العظيم وكتابات المتصوفة الأجلّاء، وثمة من جانب آخر الكلاسيكيات الغربية التي يصعب حصرها في الحقل العلمي والفلسفي والروائي إلى جانب كثير من المقروءات التي امتدّ الشغف بها على مدى ستة عقود ويكاد يزيد قليلاً.

ولا بد أن أعترف بالدور الأساسي والجوهري الذي لعبته الموسيقى في حياتي إلى جانب الفنون البصرية. أما إذا شئت تعداد أسماء محددة للذين أثّروا فيّ فينبغي ذكر مئات الأسماء لكني سأكتفي  بهؤلاء: أفلاطون، التوحيدي، ابن عربي، لاوتسو، نيتشه، فيرجينيا وولف، كازانتزاكي، هيسه، راسل، بيتهوفن، ماركيز خوان رولفو، ادغار موران….. الخ.

قمت بترجمة كثير من الأعمال الأدبية إلى العربية، هل انعكس هذا الأمر على لغة السرد البليغة والسلسة التي نقرأها في رواياتك؟

لطفيّة الدليمي:  لو أردت الحقيقة لتوجّب عليّ القول إن لغة مترجماتي هي التي تأثرت بلغتي السردية من حيث مبناها الموسيقي وهيكليتها اللغوية المنضبطة على الرغم من إيلائي الرشاقة التعبيرية اهتماماً مهووساً؛ لكنّ العلاقة بين لغتي السردية ونظيرتها الترجمية تبقى علاقة تتغذى بدفعٍ من تأثير التغذية الاسترجاعية الإيجابية المعروفة في علم السيطرة الآلية، إذ هناك نموّ وتطوّر وارتقاء يطاول كلاً من اللغتين كنتيجة للتطور الذي يطاول الأخرى، وإنني لسعيدة أعظم السعادة بهذه العلاقة الإيجابية الرائعة بينهما.

 كتبت على مدى سنوات، وما زلت، أعمدة صحافية ومقالات في العديد من الصحف العراقية والعربية. إلى أي حد تختلف الكتابة الصحافية عن الكتابة الروائية، برأيك؟

لطفيّة الدليمي: أفهم بالطبع متطلبات الكتابة الصحافية التي تخاطب الجمهور العام والتي يُرادُ منها التبسّط وسهولة تمرير المعلومة بأقلّ قدر من الفذلكات المفاهيمية؛ لكني لا أؤمن بالهشاشة المفاهيمية، التي تتوسّل الكتابة الصحافية اليومية مسوّغاً للتحلّل من القيمة الفكرية للمادة المكتوبة، وأرى أن نقيم موازنة دقيقة بين الرصانة الفكرية ومتطلبات مخاطبة الجمهور العام.

عموماً أرى أن الأعمدة الصحافية – والثقافية منها خاصة – عليها الابتعاد عن الكتابات الموضوعاتية المتداولة وأن تسعى إلى تمرير حزمة من الأفكار إلى القارئ بطريقة يفهم منها الجدّة والحداثة ومواكبة إيقاع العصر حتى لو كانت المادة المكتوبة تتخذ صفة الكتابة الناقدة للمتداول في زمننا، ولو راجع القارئ مثلاً مقالتي المعنونة “بوّاب عمارة اسمه فتغنشتاين” التي ظهرت في ثقافية صحيفة المدى العراقية، أو مقالتي الأخرى المعنونة “أنا روائي، إذن أنا أكره الرياضيات” المنشورة في ثقافية صحيفة العرب اللندنية لأدرك ما أنا ساعية لتحقيقه عبر مقالاتي  الثقافية  في الصحف اليومية.

“في ما يخصّ الدمج بين الفصحى والعامية فلا أراه سوى نوعٍ من الدعوة إلى الفصاحة الجديدة التي ترتكن إلى المغايرة الشكلية فحسب من غير  إثراء  المحتوى، ولم أعتقد، ولست أعتقد حتى اليوم، بأن بوسع العامية منافسة العربية الفصيحة إلا في بعض الأشكال الشعرية التي تخاطب الضمير الوجداني بطريقة مباشرة وتبتغي تمرير رسالة سياسية أو عاطفية محددة.”

تحدثت عن أن تعسيراً طاول اللغة العربية في المناهج المدرسية حتى باتت أقرب إلى مقرّرات دراسية مقيتة؛ هل ينطبق الأمر نفسه على الأدب؟ وما رأيك في الأعمال الروائية التي باتت تتعمد الدمج بين الفصحى والعامية؟

لطفيّة الدليمي:  نعم، ينطبق أمر التعسير على الأدب – والرواية خاصة – مثلما ينطبق على تعليم اللغة العربية ولكن مع اختلاف طبيعة التعقيد: التعقيد في تعليم اللغة هو تعقيد يخصّ المادة التعليمية التي تتوجه إلى أطفال أو شباب يافعين بفذلكات نحوية هي بعض إسقاطات البلاغة القرآنية أو الكتب النحوية العسيرة.

أما في الأدب والرواية فالتعقيد هو تعقيد موضوعاتي هو بعض صدى النزعة ما بعد الحداثية التي خفتت في يومنا الحاضر وانحلّت إلى نوع من الكلاسيكية المحدّثة المطعّمة بمادة معرفية تتصادى مع الثورات العلمية والتقنية غير المسبوقة.

وأما في ما يخصّ الدمج بين الفصحى والعامية فلا أراه سوى نوعٍ من الدعوة إلى الفصاحة الجديدة التي ترتكن إلى المغايرة الشكلية فحسب من غير  إثراء  المحتوى، ولم أعتقد، ولست أعتقد حتى اليوم، بأن بوسع العامية منافسة العربية الفصيحة إلا في بعض الأشكال الشعرية التي تخاطب الضمير الوجداني بطريقة مباشرة وتبتغي تمرير رسالة سياسية أو عاطفية محددة.

في روايتك “عشّاق وفونوغراف وأزمنة” الصادرة عن دار المدى العراقية، استطعت توظيف كثير من التقنيات السردية الكلاسيكية والحداثية في آن معاً. حدثينا عن هذه التجربة؟

لطفيّة الدليمي: هذا سؤال أحسبه في غاية الفطنة وينمّ عن دراية مشفوعة بقراءة معمّقة لروايتي “عشّاق وفونوغراف وأزمنة”. أردت لهذه الرواية، منذ البدء، أن تكون رواية جيلية تحكي عن قرن من تأريخ العراق منذ بواكير القرن العشرين وحتى وقتنا الحاضر وتلاحق تحولات المجتمع وسيرورة التاريخ المعاصر عبر أجيال عائلة الكتبخاني في إطار روائي مسندٍ بخبرات تأريخية وسوسيولوجية وأنثروبولوجية، واعتمدت في كتابة هذه الرواية على بحث مستفيض سعيت بكلّ جهدي أن يكون مصداقاً لأهمية الفن الروائي ومكانته في الألفية الثالثة الذي أفضتُ في تبيان جوانب منه في التقديم الواسع الموسوم (لماذا الرواية؟) الذي كتبته لكتابي المترجم “تطوّر الرواية الحديثة” ثمّ أتبعته في موضع آخر بموضوع طويل بعنوان “ظلال السرد المهمّشة” تحدثت فيه عن جوانب مهمّشة عظيمة الأهمية في السرد الروائي المعاصر.

ثمة في روايتي هذه خلطة من التأريخ والأفكار والأزياء والأطعمة والرحلات والفيزياء والرياضيات والتوثيق والموسيقى والمدوّنات والتقنيات والسايكولوجيا – الفردية والجمعية – والكتب والأزهار … إلخ؛ فالرواية تقترب من تخوم الستمائة صفحة وهذا ليس بالعمل اليسير، خاصة في مبحث تأريخي – سوسيولوجي – سياسي مركّب جاء في إطار رواية سردية تخاطب قراءً مختلفي الذائقة. أما التقنيات السردية التي اعتمدتها في هذا العمل فهي كلاسيكية مطعّمة ببعض الجوانب الحداثية؛ لكن تبقى القيمة المعرفية المتسمة بالشغف هي الخصيصة الأهم – كما أحسب – في روايتي هذه.

 تضعيننا في روايتك “عالم النساء الوحيدات” أمام نماذج نسوية تعيش في أفق ضيق، تكابد فيه هؤلاء النسوة الوحدة، ومع ذلك يسعين لفسحة أمل في عالم منعزل، حيث تستطيع أحلامهن تكسير كثير من الأبواب المغلقة، هل تعكس روايتك هذه حال النساء اليوم؟ على الجانب الآخر ترين أن جهود الناشطات النسويات والمكاسب التي حققنها للمرأة خلال العقود السابقة ضاعت كلها، لماذا؟

لطفيّة الدليمي: إذا شئنا الحديث عن المرأة العراقية والعربية اليوم فلا بد من القول إن نكوصاً خطيراً طاولَ جهود هذه المرأة وأصابها في مقتل وأطاح كثيراً من النجاحات النسبية التي حققتها المرأة خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وواضح كيف أطاح المدّ الديني المدعم بالعقلية الأصولية في الخطاب السياسي والديني فسحة الليبرالية الخجولة التي أتيحت للمرأة في تلك العقود الخوالي.

تمثل النساء في روايتي “عالم النساء الوحيدات” الحالة المعيارية للمرأة العربية والعراقية التي تعيش تحت ضغط هائل من المقيّدات الحقوقية والقانونية التي تعاظمت في وقتنا هذا إلى حدّ ينبئ بضياع كل الجهود العظيمة التي بذلتها النساء من أجل كرامتهن الإنسانية ومكانتهن وحقوقهن؛ ولكن لا مفرّ من التمسّك ببعض الأمل إنما من غير تفاؤل كذوب، وموقفي في هذا يتماهى مع مقولة “أمل من غير تفاؤل” التي جعلها المنظّر والناقد الأدبي والفيلسوف الإنكليزي “تيري إيغلتون” عنواناً لأحد أحدث كتبه.

 فزت بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في فرع “الرحلة المعاصرة – سندباد الجديد”  2016 عن كتابك “مدني وأهوائي – جولات في مدن العالم”، ما الذي حققه هذا الفوز لك؟

لطفيّة الدليمي: هو فوز اعتباريٌّ يشحن بطارية المرء بالطاقة الإيجابية وموجبات الأمل المعقلن الذي يشعر معه أن ثمة من يقرأ ويفرز النصوص الجيدة المكتوبة بحرفية وعقل شغوف بالمعرفة، وأشعر بالامتنان والتقدير للقيّمين على هذه الجائزة؛ أما فيما عدا ذلك فلم يكن للجائزة أي تأثير على نمط عملي وجدول مترجماتي، لأنني درّبت نفسي ومنذ عهد بعيد على العمل الجاد والمنظّم والمنضبط في كل الظروف والأحوال وبصرف النظر عن كلّ العوائد المادية التي ما كانت إلا شحيحة في كل الأوقات، ولولا الشغف والإحساس بشرف الصنعة الروائية والكتابية لما بقي في النفس من حافز يدفع المرء لإنجاز ما يسعى لإنجازه.

قلت بأنه يطغى على مشهد الرواية العربية استسهال مفرط في كتابة الرواية بسبب وفرة الجوائز وميادين التنافس، حتى صار من الممكن أن يكتب أي شخص رواية بدون أن يكون متوفراً على المعرفة والخبرات السردية والقدرة اللغوية والوعي اللازم، كيف ترين حال الرواية العربية؟ وما هي حدود الكتابة الروائية اليوم؟

لطفيّة الدليمي: نعم وأقولها ثانية وثالثة: الجوائز الروائية ساهمت في تكريس الغثاثة الروائية بالنتيجة وإن كانت تنطوي على مقاصد نبيلة في جوهرها. ماذا نتوقّع مثلاً من بيئة عربية تطغى عليها سمات الفساد وغياب فرص التنمية والتمكين الاقتصادي وتعاظم الضغوط التضخمية الاقتصادية التي باتت الحياة في ظلها أقرب لكابوس ثقيل؟ سيجد كثير – من الشباب والشابات خاصة – بالتأكيد فرصة سانحة في كتابة رواية والاشتراك في تلك المسابقات؛ إذ لعلّ الحظ يجود بفرصة للفوز فيها، وتساهم القيمة المالية المتضخّمة هي الأخرى في تعزيز هذا السباق الذي يسيء للقيمة الإبداعية ويفرض طوقاً من التعتيم على الأعمال الروائية الجيدة التي ستضيع حتماً وسط فوضى المنشورات الكثيرة التي يتفنّن بعض الناشرين في التسويق لها وإحاطتها بهالة من المبهرجات الإعلانية المثيرة.

أرى أن تكون جوائز الرواية معقولة من الناحية المالية كما تفعل نظائرها الأوروبية التي لا تكاد تتجاوز عتبة العشرين ألف دولار، ولو حصل هذا الأمر لرأينا تراجعاً غير مسبوق في حمى النشر واللهاث على إصدار الروايات.

 كيف نقرأ ملامح الأدب العراقي الإبداعي، في ظل من يرى بأن الطائفية وصلت إلى المدوّنة الأدبيّة والنقد الأدبي والمراجعات، بل إن تصنيف الأدباء اليوم بات بحسب المذهب؟

لطفيّة الدليمي: لا أظنّ أن العدوى الطائفية ضربت المنجز الإبداعي العراقي والعربي بعامة، وقد تحصل بعض التجاوزات هنا أو هناك؛ لكني لم ألمح بعامة نمطاً منهجياً يكرّس الحالة الطائفية أو المناطقية ويدعو إليها بخطاب روائي مكشوف، وربما حصل في العراق بعد احتلاله عام 2003 نوع من التركيز على الاستغراق في وصف المعاناة العراقية لطائفة محددة؛ لكنّ الأمر جاء في إطار عام وبكيفية تشي بالتسرّع والعجلة غير المستحبة التي لم تقرأ مدوّنات العذاب العراقي قراءة مدققة فجعلتها مقتصرة على حقبة محددة ونظام بعينه وفئة بذاتها.

 إلى أي حد تحمل رواياتك، التي تدور أغلب أحداثها في العراق من سمات شخصيتك وتجربتك الخاصة؟ كذلك كيف انعكس منفاك على منجزك الأدبي؟

لطفيّة الدليمي: لا بد أن تحمل كل رواية في نهاية المطاف شيئاً من ملامح السيرة الذاتية لكاتبها مهما كان تجنيسها الأدبي، وحتى لو كانت رواية ذات سمة ميتافيزيقية مجاوزة للوقائع المادية المشخصنة؛ إنما هناك فرق جوهري بين سيرة شخصية وقائعية مبتسرة وبين سيرة ذاتية خفية نرى جوانب من تمثلاتها الهادئة في العمل الروائي وبما يكشف عن بصمة الكاتب وبعض تجاربه.

ومن هذا المنطلق يمكن توسيع فضاء السيرة الذاتية للكاتب ليشمل فضاء المجتمع والجماعة البشرية الخاصة وحتى العالمية. أما بالنسبة للمنفى فهو تجربة عظيمة في مؤثراتها السلبية والإيجابية، فقد شكل لي المنفى تجربة ثرية كشفت لبصيرتي تفاصيل ووقائع لم أكن لأتخيلها وأنا ماكثة في بيتي البغدادي، وأرى أن غزارة ترجماتي ومؤلفاتي في السنوات الأخيرة هي بمثابة رد إبداعي على الاقتلاع والنفي، فتجدينني اليوم منهمكة بين مشاريعي الكتابية العديدة على إنجاز كتاب بعنوان “مذكّرات الحرب والمنفى” سأتحدث فيه عن تأثيرات الحرب والاحتلال والمنفى الباريسي في إعادة تشكيل أفكاري وشخصيتي السايكولوجية والروائية.علياء تركي الربي

نقل عن العربي الجديد