بعد سنوات تمكن ثيبولت المصاب بالشلل من المشي

0
452

إنجاز علمي يمكّن رجلا من المشي بهيكل خارجي

بعد سنوات من نجاح الأطباء بتوصيل قطب الكهربائي إلى جهاز يتم التحكم فيه بواسطة كمبيوتر مزروع تحت الجلد، أعلن باحثون فرنسيون من جامعة “غرونوبل” ومركز البحوث الطبية الحيوية “كليناتيك”، عن إنجاز علمي غير مسبوق، مكن رجلاً من تحريك أطرافه الأربعة المشلولة، مستخدماً بدلة آلية يتحكم فيها عبر الدماغ. 

ثيبولت” (30 عاماً) كان قد أصيب بشلل تام بعد سقوطه من علو 40 قدماً من شرفة منزله

اختبر العلماء الفرنسيون البدلة على رجل يُدعى “ثيبولت” (30 عاماً) كان قد أصيب بشلل تام بعد سقوطه من علو 40 قدماً من شرفة منزله، ما أدى إلى قطع الحبل الشوكي. وقد كان يستطيع أن يقوم بحركة طفيفة في العضلة ذات الرأسين والرسغ الأيسر من يده فقط، وكان قادراً على تشغيل كرسي متحرك كهربائي باستخدام ذراع التحكم بذراعه اليسرى.

خضع ثيبولت لجراحة لوضع جهازين على سطح دماغه، لتغطية تلك الأجزاء من الدماغ المسؤولة عن الحركة. ويحتوي كل جهاز من هذين الجهازين على 64 من الأقطاب الكهربائية لقراءة نشاط الدماغ ونقل التعليمات منه إلى جهاز كمبيوتر قريب.

قامت شبكات الإلكترود المزروعة بجمع إشارات دماغه ونقلها إلى خوارزمية لفك التشفير، والتي ترجمت الإشارات إلى حركات وأمرت هيكلاً خارجياً آلياً يشبه الروبوت لتطبيقها والاستجابة لها على شكل حركي. وبذلك استطاع التحكم في الذراعين، والمناورة بهما في فضاء ثلاثي الأبعاد، بينما بقي مربوطاً في الهيكل الخارجي.

ثيبولت: “شعرت وكأني أول إنسان يخطو على سطح القمر”

تسببت إصابة ثيبولت قبل أربعة أعوام في الحبل الشوكي أن يصير مشلولاً، وقضى العامين التاليين في المستشفى. وخلال تلك الفترة قام بالتدرب على خوارزمية تفهم أفكاره من خلال التحكم في شخصية افتراضية داخل لعبة فيديو، ما يجعلها تمشي وتلمس كائنات ثنائية وثلاثية الأبعاد.

وتعليقاً على تجربته المذهلة قال ثيبولت: “شعرت وكأني أول إنسان يخطو على سطح القمر. كان قد مضى عامان لم تطأ قدمي خلالهما الأرض. نسيت كيف يكون الوقوف. نسيت أني كنت أطول قامة من أشخاص كثيرين في الغرفة”.

على مدار الدراسة، سار ثيبولت ما مجموعه 145 متراً مع 480 خطوةً باستخدام الصورة الرمزية والفيديو والهيكل الخارجي المدمج، المدعوم بسلاسل مثبتة في السقف، لمساعدته على المشي في نهاية المطاف، والوصول إلى الأهداف بذراعيه وقدميه.

يمكننا القول أن هذا الجهاز يمثل تقدماً ملحوظاً في الأساليب  التي تسمح للناس بالتحكم في أطرافهم عبر الدماغ.

ليس في مقدور هذه البدلة المتطورة التي تزن 65 كيلوغراماً أن تحاكي وظائف أعضاء الجسم بشكل تام. والدليل على ذلك ربطها بسلاسل في السقف خشية الوقوع على الأرضية، ومع ذلك، يمكننا القول أن هذا الجهاز يمثل تقدماً ملحوظاً في الأساليب المماثلة التي تسمح للناس بالتحكم في أطرافهم عبر الدماغ.

وقد أشار البروفيسور عليم لويس بن عبيد، المدير التنفيذي لمركز البحوث الطبية الحيوية “كليناتيك”، أن المشي على نحو مستقل لا يزال بعيداً، لكن المشكلة قد حلت وتم التأكد من سير البحوث على الطريق الصحيح.

الاستمرار في تحسين التكنولوجيا

يقول العلماء الفرنسيون إن بإمكانهم الاستمرار في تحسين التكنولوجيا. لكنهم لا يزالون في اللحظة الراهنة محكومين بكمّ البيانات التي يمكن قراءتها من الدماغ، وإرسالها إلى جهاز الكمبيوتر القريب، وترجمتها، قبل إرسالها إلى الهيكل الخارجي وقت حدوثها.

لا يستخدم العلماء سوى 32 فقط من أصل الأقطاب الكهربية الـ 64 في كل جهاز من الجهازين، ويستغرق الأمر 350 مللي ثانية ليتحول من أفكار إلى حركة، لذلك لا تزال هناك إمكانية لقراءة الدماغ بمزيد من التفصيل باستخدام أجهزة كمبيوتر أكثر تطوراً وبمساعدة الذكاء الاصطناعي لتفسير المعلومات من الدماغ.

كما ذكر العلماء، بأنهم وضعوا خططاً لتطوير التحكم في الأصابع للسماح لـثيبولت بالتقاط الأشياء ونقلها. وهو بدأ بالفعل في استخدام جهازَي الدماغ للسيطرة على أحد الكراسي المتحركة.

التقنية هي علاج تجريبي في الوقت الحالي، ولكن بمجرد تحسينها، يمكن أن يكون لها القدرة على تحسين حياة المرضى المصابين بالشلل.

يقول العلماء إن هذه التقنية هي علاج تجريبي في الوقت الحالي، ولكن بمجرد تحسينها، يمكن أن يكون لها القدرة على تحسين حياة المرضى المصابين بالشلل. وهم يبحثون عن طرق لاستخدام الهياكل الخارجية لتعزيز القدرات البشرية، في مجال يُعرف باسم “ترانزهيومانيزم”.

ولأن هذه التقنية هدفها الأول والأخير هو تحسين حياة المرضى، أكد البروفيسور بن عبيد، أنه لا يوجد على الإطلاق أي خطط لاستخدام هذه التقنية بطرق متطرفة وغبية.

أن الفريق قام بتعيين ثلاثة مرضى آخرين في التجربة، ويهدف هذا الأمر إلى السماح للمرضى بالمشي والتوازن من دون استخدام نظام تعليق السقف في المرحلة التالية من البحث

يشير ستيفان تشاباردس، جراح الأعصاب في مستشفى جامعة “غرونوبل” ومؤلف الدراسة، بأن الفريق قام بتعيين ثلاثة مرضى آخرين في التجربة، ويهدف هذا الأمر إلى السماح للمرضى بالمشي والتوازن من دون استخدام نظام تعليق السقف في المرحلة التالية من البحث.

وقد عبر ثيبولت عن سعادته العميقة من نجاح التجربة بقوله: “لا يمكنني العودة إلى المنزل غداً في هيكلي الخارجي، لكني وصلت إلى نقطة يمكنني فيها المشي. أمشي عندما أريد وأتوقف عندما أريد”.

لكن رغم أهمية هذه التجربة، ونتائجها المذهلة، فقد حذر بعض العلماء من الإفراط في التفاؤل. وفي هذا الإطار، قال البروفيسور توم شكسبير، من “كلية لندن لعلم الصحة والطب الاستوائي”، أنه رغم أهمية ما تم نشره، فإن الطريق لا يزال طويلاً حتى تصبح التقنية جاهزة للاستخدام في العيادات. مضيفاً بأن التكلفة العالية ستحول دون إمكانية حصول معظم المرضى حول العالم على مثل هذا الجهاز عالي التقنية.