پول كلي

0
440
پول كلي

 

ولد بول كلي سنة 1879 يحمل جنسية والده ولكنه عاش في سويسرا. ويعد من أشهر فناني القرن العشرين، موهبته وخياله أكدتا قوله: «إن الفن لا يكرر المرئي لكنه يجعله مرئيا» وهذا ما جعلنا نرى الأشياء بشكل جيد وجديد. وهو متعدد المواهب: موسيقى، مدرس، شاعر وأيضا فيلسوف. قليل الكلام، يعزف يوميا على الكمان، ويعمل على الدوام في التصوير والكتابة، وأيضا في تصميم الأثاث. يصفونه بأنه فنان الأضداد، ويرى أن الفن ينبغي أن يتحرر من التاريخ والتقاليد. بدأت لوحاته تتصدر المعارض من أن بلغ من العمر 16 سنة. ولما كان والداه موسيقيين: أمه مغنية كلاسيكية ماهرة، ووالده مدرسا للموسيقي وعازف بيانو وكمان. ولقد شجعه والداه على الموسيقى. ابتدأ العزف منذ أن كان عمره سبع سنوات، فيما كان يكتب الشعر ويعزف على الكمان.

بدأ الرسم مبكرا، إذ كان يرسم مدرسيه كاريكاتيريا وهو بالمدرسة الابتدائية، وما زلت رسوماته موجودة حتى الآن وتساوي ثروة كبيرة وهي تعكس كيف تطور فنه. تعرف على عازفة بيانو من أسرة محترمة وأحبا بعضهما ولكنهما لم يتزوجا إلاّ بعد خمس سنوات، يوم 15/9/1906.

سنة 1900 التحق بأكاديمية ميونخ، وتركها بعد أشهر قليلة فهو لم يغير من طريقة حياته المستهترة. تنقل ما بين إيطاليا وسويسرا وألمانيا. سنة 1903 بدأ سلسلة من أعمال الحفر فأنتج اختراعات لكائنات غريبة وخيالية ومنحها أسماء خيالية أيضا، مثل (البطل المجنح) على سبيل المثال، واستمر في هذا العمل لمدة 8 سنوات. يومياته التي كتبها ما بين 1898 حتى 1918 توضح الكثير عن أفكاره وقناعاته الشخصية. بدأ سنة 1905 بالرسم على الزجاج. وقال: لست هنا من أجل أن أظهر السطح، أنا أظهر أبعد أعماق القلب.

عرض سنة 1910 عدد 56 عملا في ثلاثة معارض لم يبع سوى لوحتين وغلق معارضه الثلاثة بسبب نفور زوار المعرض الثالث. ولكن تلك المناسبة تعرف على فنانين أسسوا جماعة فنية في ميونخ أطلقت على نفسها «جماعة الفرسان الزرق».ولعل لوحته «حامل زهور ووعاء ودلو ماء للري» التي رسمها 1910 هي التي جعلته ضمن مجموعة هؤلاء الفرسان الزرق.

وكانت نقلة مهمة هي سفرته إلى تونس سنة 1914 مع اثنين من أصدقائه، إذ قال وهو في تونس «الألوان تتملكني، لست مضطرا لملاحقتها. وستتملكني دائما. أنا أعلم هذا. ذلك هو مغزى اللحظة السعيدة: أنا واللون واحد، لقد أصبحت مصورا». ما رآه في تونس صار ملهما له. في تونس رسم لوحة «فكرة عامة من الحمامات» والدارس لفنه سينتبه إلى تطور ألوانه من لوحة «روبرت وسونيا ديلوني» التي سموها أشكال دائرية، وهما من تعرف عليهم سنة 1912 في باريس والمهتم ستتضح له كيف وظف الوان تلك اللوحة عندما ألهمته تونس ورسم لوحة «فكرة عامة عن الحمامات». ما بين عامي 1914 و1915 انتج 475 لوحة متجاهلا الحرب العالمية الأولى، وموت احد رفيقيه ممن كانوا معه في تونس.

سنة 1917 نالت أعماله إعجاب الجمهور وأصبح رساما معروفا وناجحا، وكان قد بلغ من العمر 38 عاما. استدعي من قبل الحكومة الألمانية للالتحاق بالجيش، ورسم لوحة «أسطورة زهرة» سنة 1918 بإحياء من عمله في القاعدة الجوية. والمعروف أنه وظف بعض ما يعرفه من الشعر، خصوصا الذي تهديه له زوجته ليلي بما في ذلك شعرا صينيا، في لوحاته كلوحة «براعم هونجشو شن» ولوحة «انبثق من عتمة الفجر». سنة 1920 عمل مدرسا في مدرسة فنية، اسمها «الباوهاس» كانت فكرتها أن التصميم الفني قد يساهم عن طريق الإنتاج في خلق عالم أفضل، وخلال عمله كتب إرثا عن الفن، هو ما وثقه ما بين سنة 1925 و1931 وبلغ حوالي 3000 صفحة مليئة بالرسومات والإرشادات. وسنة 1922 رسم لوحته «ماكينة التغريد». قال رسامنا «الفنان إنسان، هو في ذاته الطبيعة، وهو جزء منها..».

سنة 1928 ذهب إلى مصر وقال عنه ابنه فيليكس كيلي: «عمله خلال رحلته إلى مصر كان قليلا، وربما لم يعمل مطلقا ولكنه كان يختزن انطباعاته. وتعد لوحة “الطريق العام والطرق الفرعية” من أفضل أعماله 1929. وبعدها في سنة 1930 رسم لوحة إيقاعي، وفي سنة 1933 رسم لوحة «مشطوب من القائمة»، وسنة 1940 رسم لوحة «الموت والنار» وجميعها من أعماله المتميزة.

ومن بعد وصول النازيون إلى السلطة في ألمانيا، وعدم رضوخه لتنفيذ قناعاتهم، اقتحموا شقته سنة 1933، بينما كان بعيدا عنها، وبسبب ذلك رحل إلى سويسرا، وصادر النازيون لوحاته، وأحس وكأنه منفي بعيدا عن عمله وأصدقائه، على الرغم من أنه قريب من عائلته التي كانت تعيش هناك. ومنذ سنة 1935 عمل بشكل محموم، وأصيب بمرض الحصبة، ثم بمرض خطير ونادر، إلى أن توفي يوم 29 يونيو 1940 ثم حرقت رفاته، ودفن رماده بعد ست سنوات في مقبرة برن بجواز زوجته.

والمعروف أنه باستثناء (الباوهاوس) لم ينتم إلى إيه حركة فنية مثل التكعيبية أو السريالية، إلاّ أن أعماله كان لها تأثير عن هاتين المدرستين.